في رحاب المولد النبوي الشريف
بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين .وصلاة وسلاما دائمين متلازمين علي المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ومولانا محمد وعلي آله وصحبه الكرام الطيبين ومن تبعهم باحسان الي يوم الدين .
وبعد
فبمناسبة ذكري مولده صلي الله عليه وسلم يطيب لنا ان نشرف بالكتابة في رحابه وجنابه المبارك الشريف .علي اننا نود ان نلتفت في غير عجلة الي بعض الإرهاصات ابان مولده صلوات الله وسلامه عليه .بل ونطيل الوقوف متأملين متدبرين .
ثم إذا اتسع لنا المقام تقدمنا في سرد بعض جوانب من سيرته العطرة الخالدة بمشيئة الله تعالي .
وقبل ان نشرع في الكلام عن ذكري مولده صلي الله عليه وسلم نناقش في عجالة ما يثيره البعض من ان الإحتفال بالمولد النبوي الشريف بدعة - تطرف البعض وجنحوا في غلوهم فقالوا انها بدعة ضالة ومنكرة - مستندين الي حجج اعتبروها ادلة وبراهين اهمها في نظرهم انه صلي الله عليه وسلم لم يحتفل بمولده وكذا صحابته الكرام رضي الله عنهم جميعا .الي جانب ان بعض المحتفلين بهذه المناسبة يذكرون اذكارا ويفعلون افعالا تؤكد - في نظرهم - انها بدعة او بدعة ضالة ومنكرة .
اما وان كنا لانريد الخوض في هذا الجدل باسهاب واستطراد ممل . إلا اننا بداية يجب ان نفرق بين البدعة الحسنة . والبدعة الضالة . وذلك من حيث التعريف اللغوي والشرعي .
وقد انتقل رسول الله صلي الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن الكريم مكتوبا في مصحف . ولم يامر بذلك .... فجمعه ابو بكر الصديق رضي الله عنه فيما يسمي بالجمعة البكرية ..... ثم جمعه عثمان بن عفان رضي الله عنه في جمعته التي ينسب اليها المصحف الإمام .
ثم انه صلي الله عليه وسلم سن للمسلمين صلاة القيام في شهر رمضان . فلما تولي الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه جمع المسلمين لأداء هذه الصلاة . ولم يكن رسول الله صلي الله عليه وسلم قد امر بادائها في جماعة علي هذا النحو الذي نراه الآن بناء علي بدعة الفاروق الحسنة الرشيدة .
والامر اوضح من ايراد الاعمال الجديدة المبتكرة الحسنة والتي تقع ضمن تعريف كلمة البدعة الحسنة .
فاذا دققنا في مطابقتها للشرع الحنيف من عدمه نجدها من صميمه تجليه وتخدمه .
والآن في عصورنا الحالية نصلي في جوامعنا وهي مسقوفة بالخرسانة المسلحة. وليست بجريد النخيل كما كانت علي عهده صلي الله عليه وسلم .وهي مفروشة بالسجاد علي اختلاف انواعه وقيمه .وليست بالحصباء كما كانت علي عهده صلي الله علي وسلم .وعلي جدرانها ساعات الحائط المتنوعة الأشكال والأحجام .ولم تكن علي عهده صلي الله عليه وسلم .والميكروفون والسيارة والطائرة والكمبيوتروالفاكس و..و.. و.. الخ .
وليس ثمة شك في ان كل هذه الأشياء باعتبارها مخترعات ومبتكرات تخرج عن اطار تعريف كلمة البدعة الحسنة ............والامثلة كثيرة لا تتناهي .
والعبرة الام والمعول الرئيسي الذي لا ننفك عنه ولا يجوز لنا الا التمسك به هو عدم الخروج عن الشريعة الاسلامية في اعتقادنا وفي اقوالنا وفي افعالنا .
اما الإحتجاج بسلوكيات يقوم بها البعض بمناسبة هذه الذكري فانه لايرقي الي رفض الاحتفال من اساسه فضلا عن وصفه بانه بدعة ضالة ومنكرة .
ومع ذلك فليس لنا ان نجيز اي سلوك خاطيء يتنافي مع الشريعة الاسلامية باية حال سواء احتفالا بالمولد او غيره من السلوكيات .
فاذا ذهبنا الي اهم حجج الرافضين الذين يرون ان الاحتفال بالمولد النبوي بدعة ضالة ومنكرة . نجد ان رسول الله صلي الله عليه وسلم هو بنفسه الشريفة اول من احتفل بذكري مولده المبارك .اذ كان يصوم يومي الاثنين والخميس من كل اسبوع فلما سئل عن سبب صيام يوم الاثنين قال : " ذلك يوم ولدت فيه " . ومن ثم فقد صام الصحابة والتابعون والمسلمون يوم الاثنين الي جانب يوم الخميس .
واذن فالاحتفال بهذه الذكري العطرة المباركة الميمونة سنة مؤكدة وليست بدعة ضالة . كما يقول الرافضون
واذا جاز للانسان بفطرته التي فطره الله عليها ان يهش ويبش ويطرب ويفرح كلما حانت منه التفاتة الي ذكري ساره او حادثة سعيدة . فنزع الي التاريخ بها والتحدث عنها والاحتفال في مثل حينها باسلوب اسلامي يؤكد حمده وشكره لله تعالي علي هذه النعمة .....
اذا جاز ذلك في حق نعمة ما ..الا يكون من الحق الواجب اللازم اللازب ان يفرح ويغتبط ويسر ويسعد باكبر واعظم النعم واسعد الاحداث واهمها ..(ميلاده صلي الله عليه وسلم ) الذي هو رحمة للعالمين . وسبب هدايتنا نحن المسلمين الي الاسلام وكفي بها نعمة ؟
ولا شك البته في ان الاحتفال بمولده صلي الله عليه وسلم من صميم الفرح والسعادة بهذا النبي والولاء له . كما انه لايخرج المسلم عن الملة طالما قال مرددا ( لاإله إلا الله محمد عبد الله ورسوله ) .
واننا لنري االمؤرخين والفقهاء والاعلام في الملة الحنيفية وقد اثبتوا بفخر وسعادة ذكريات الانتصارات الاسلاميه الخالدة علي مر العصور .واشادوا بالبطولات واصحابها .حتي ان من حضر غزوة بدر- علي سبيل المثال - عد بدريا مغفورا له بنص حديث نبوي شريف .فلا معني لذلك الا الحث علي الاحتفال بمثل هذه الذكريات كلما حان تجددها .
ثم انه صلي الله عليه وسلم قص احداث ولادته بل وما سبقها وما تلاها في معرض الفخر النبوي والتحدث بنعم الله تعالي .وهو امر يوجب علينا ان نردده في مثل حينه تاسيا به وتحية له .
وليس من تتمة لهذا الكلام اصدق من قول بعض عوام المسلمين حين ادلي بدلوه في هذه القضيه اذ قال :
في ذكري المولد النبوي الشريف تعقد المؤتمرات والندوات التي يحضرها علماؤنا وفقهاؤنا وذوو الراي فيلقون علينا جوانب من سيرته العطرة فيجددون في انفسنا حبه واتباع سنته وينشا اولادنا علي حبه واتباع سنته ويفرح اطفالنا يالتوسعة عليهم بمناسبة هذه الذكري فينشئون علي حب من كان سببا في مسرتهم وسعاتهم والتوسعة عليهم . ثم ان كثرة الصلوات عليه وبالذات في هذه الليلة تزيد الحسنات اللا نهائية وهي فرض من الله علينا مما يجعلنا نجد في الاكثار منها بعد ذلك في سبيل الوصول الي اقامة سنته واتباعها دوما .
فاللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك وسابغ نعمك . ثم اللهم صل وسلم وبارك علي المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلي آله وصحبه الكرام الطيبين ومن تبعهم باحسان الي يوم الدين واغفر لنا وارحمنا ووالدينا ومشايخنا واصحاب الحقوق علينا اجمعين . اللهم آمين . وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
____________________________
