لغة العيون.. لغة القلوب والتربية أحياناً!
بسم الله الرحمن الرحيم
'' إذا أردت ان تتأكد من صدق ما يقوله الأخر فانظر في عينيه''، هناك من تنظر في عينيه فتجدها صادقة، دافئة، وبمجرد النظر في عينيه دون التحدث إليه تشعر براحة كبيرة. وهناك من تجد في عينيه القسوة والكذب، فالعيون ليست وسيلة فقط لرؤية الخارج ولكنها وسيلة ولغة للتعبير عما في الداخل، ووسيلة لفهم ما في نفوس الآخرين.
محمد هاكوز (32 عاما) قال انه من الشباب الذي يعي: ''ان للعيون لغة أقوى في تأثيرها من اللسان، فالعين تفرح وتحزن وتحب وتكره، وهي مرآة الروح، ويمكن للشخص قراءة الآخر عن طريق النظر في عينيه،وتعتبر لغة العين جزءا هاما في التواصل الإنساني''.
ولفت الى ان دراسة فرنسية حديثة اكدت : ان لغة العيون هي الأقوى تعبيرا والأسرع في توصيل الرسالة الى الإنسان، فالعين تكشف الكثير من الأسرار بمجرد النظر، وتعتبر كل حركة او نبضة أو نظرة عين هي أشبه بالإشارة اللاسلكية، وقد تكون هذه الإشارة ضعيفة او قوية ، والأمر يعتمد على جهاز الاستقبال لدى الشخص الآخر''.
ومن المفارقات التي قالتها سارة جميل (24 عاما) عن علاقة العيون بالتربية العائلية : ''تربيت منذ كنت صغيرة على لغة العيون، فعندما كنت أخطئ كنت أرى ردة فعل أمي بعيونها، وعندما كنت احصل على علامات عالية في دراستي كنت أيضا أرى التقدير والفرحة بعيون أمي''.
من جهة قال حازم سعيد (35 عاما) : ''أؤمن بلغة العيون وهناك كثير من الأمور التي نستطيع كشفها من خلال النظر بعين الأخر، ولكنني أيضا أرى ان هناك من يستطيع ان يتنكر ويلبس الأقنعة ويخدعك بنظرة عيونه''.
ويشير خبراء علم النفس إلى ان لكل شكل من العيون طباعاً وسمات مشتركة، وان طريقة النظر تعبر عن شيء يمكن لمن يعرف هذه اللغة ان يفهم صاحب النظرة دون الحديث معه، ويؤكدون على ان هناك أساساً حقيقياً للاتصال ينشأ عندما تنظر العين لعين شخص آخر، وان 87% من المعاني تأتي عن طريق العين''.
وفي اشارات شاعرية اكدت عبير عمر، في حديثها عن لغة العيون فقالت: ''ان العيون هي حلقة الوصل والتفاهم لدى أشخاص كثيرين، وانا اعشق هذه اللغة لأنني بارعة في فهم الآخرين من نظرة واحدة، وليست لغة العيون هي التمتع بجمال العين ولكنها فهم لمكنونات النفس، فالعين تتكلم ولغتها عالمية يفهمها جميع البشر''.
وينصح خبراء الحياة الزوجية باستخدام هذه اللغة بين الازواج كوسيلة للاشباع العاطفي، بحيث يشعر كلا الطرفين بالاحترام والتقدير، ويؤكدون على ان لها دوراً فعالاً ومهماً في اظهار ما يخفيه المرء من مشاعر، فهي تعتبر احد اسرار الجاذبية بين الزوجين، وفي اوقات كثيرة تكون لغة العيون ابلغ من أي كلام بين المحبين.
وترى لانا الياس، متزوجة منذ 5 سنوات: ''ان لغة العيون بين الزوجين مهمة جدا، فالنظرة هي سبب من أسباب الألفة والرحمة بينهما، ولها دور في تعزيز الحب بين الطرفين، فأنا افهم زوجي من نظرته، واعرف ما يريد وما يحب وما يكره، وبالمقابل زوجي أيضا يفهمني من خلال النظر في عيني، فنحن نعتمد بشكل كبير على لغة العيون في حياتنا الزوجية''.
ويبدو ان رامي القريوتي (38 عاما) يفهم لغة العيون على طريقته: ''كنت عندما تخاطبني زوجتي عادة، منشغلا بقراءة كتاب او بجهاز الكمبيوتر او حتى بالتلفاز، ولا انظر في عينيها، مما ادى الى شعورها بأنني لا مبال لكلامها، ولكنني بعد ذلك تعودت بأن انظر بعينيها عندما اخاطبها او تخاطبني، وادركت ان نظرة العين تبني جسور التفاهم بيننا، وان لها سحراً اخر،واهمية بالغة في تعميق علاقتنا''.
ولعل ما يؤكد على أهمية لغة العيون في التخاطب بين الناس هو رأي الأخصائيين الاجتماعيين الذين يرون ان هذه اللغة موجودة وتداولها بكثرة، حيث تعمل على التواصل الإنساني دون اللجوء للحديث، ومما يدعم أهميتها هو استخداماتنا اليومية لمفردات تخص العين في تفسير انفعالاتنا ومشاعرنا مثل ان نقول (عيونه بترقص من الفرحة) او (حط عينك بعيني) ،(شايف الشر بين عيونه) وغيرها .
لغة القلوب والتربية احيانا، علينا ان نستخدم هذه اللغة في حياتنا وان ننميها ونفهمها، ونظرة واحدة في عين الشخص تكفي لفهمه، ورحم الله ابن القيم الذي قال ''ان العيون مغاريف القلوب، بها يعرف مافي القلوب، وإن لم يتكلم صاحبها''.
لغة العيون هي لغة التخاطب بين البشر، لها مفرداتها المتنوعة، فهي تحكي غضب صاحبها او حزنه او فرحه او قلقه...، فالعين تحمل دوما مافي عقل او قلب صاحبها، وهي لغة صادقة لا تعرف الكذب، فكلام العين موصول مباشرة الى القلب.
