موارد مصر

موارد مصر محددة وليست محدودة
والله أكون فى قمة العجب، عندما يخرج علينا أحد المسؤولين فى الحكومة المصرية، وتكون هناك شكوى معينة من أزمة مالية أو خلافه، فتجده يتحدث عن موارد مصر المحدودة وأريد أن أسأل كيف لبلد، مثل مصر، تكون موارده محدودة؟
بلد لا ينقصه شىء من خيرات الأرض فهو يملك الطاقة بكل أنواعها يملك طاقات البترول والغاز والشمس والرياح والمياه.. يملك من مقومات السياحة ما لا تملكه دولة أخرى ففيه ثلث آثار العالم ويملك مئات الكيلو مترات من الشواطئ الخلابة ويمتلك السياحة العلاجية والسياحة الدينية..
ويمتلك من الأراضى الزراعية الكثير والكثير التى لو تم استغلالها لأطعمت أهله والعرب جميعا، دون اللجوء لقمح فاسد أو غيره من الأغذية المسرطنة، وهو يمتلك نهر النيل ذلك الشريط من المياه العذبة الذى يحسدنا عليه الكثير من دول العالم ولا نحسن استغلاله إلا فى البواخر العائمة ويمتلك شواطئ على البحر الأحمر والبحر الأبيض وخليج السويس ونهر النيل وعنده البحيرات!
كل هذا الخير بما يحويه أيضا من ثروات سمكية وخلافه ونتحدث عن موارد محدودة؟ عندما نمتلك جميع مواد البناء من خامات حديد وخامات الأسمنت والرمل والزلط والطفلة وحتى البازلت الذى يرصف الأرض.. عندما نمتلك الكوادر التى تقيم المصانع وتتقدم فى إنتاجها، فنحن دولة صناعية ..
عندما نمتلك قناة السويس ذلك المجرى الحيوى الذى يربط بين البحرين.. عندما يكون عندنا شبه الجزيرة ونمتلك قطعة فى آسيا وهى سيناء الغالية بما تحويه من خيرات وخامات اقتصادية رهيبة.. عندما نمتلك سلاسل الجبال وما بها من خامات وخيرات..
والأهم من ذلك كله أنها تمتلك ذلك الشعب الطيب وتمتلك تلك العقول الجبارة التى ساهمت فى تقدم معظم الدول العربية بل العالمية وراقبوا علماءنا فى الخارج وتابعوا أخبارهم حتى تعرفوا أن البشر هم أهم تلك الثروات ولابد أن نعترف بأن أحد أسباب ثقل مصر السياسى هو عدد سكانها.. إذن مصر ليست محدودة الموارد ولكن محتكرة. الموارد، فهناك من احتكر الحديد، وهناك من احتكر الأراضى، وهناك من احتكر السيارات وهناك من احتكر السلع الغذائية وهكذا..
أما وأن يأتى أحد المسؤولين ويقول إن كل هذا الخير هو موارد محدودة فهذا هو الباطل بعينه.. هناك دول متقدمة تعيش على مصدر واحد من تلك المصادر التى تمتلكها مصر.. كانوا فى الماضى فى الكتب المدرسية يقولون إن سبب تعدد الحملات على مصر هو موقعها الاستراتيجى وخيراتها الوفيرة والآن يقولون موارد محدودة.. والله لو عاشت مصر عاما واحدا أو على الأكثر عدة أعوام بدون فساد لأصبحت
من أغنى دول العالم
الحب بيجمع شملنا
يجمع المؤرخون على أن أبرز صفة للمصريين صفة السماحة والحب وطبيعة الود والإخاء.. فشعب مصر شعب طيب يحب الخير والسلام.. ويبغض الشر والخصام.. عرف عنه ذلك الغرب قبل الشرق.. إن المصريين مجردون من الكراهية وحب الانتقام.. فإن أطول مشاجرة لهم تنتهى قبل انتهاء اليوم نفسه.. أنا وأنت يا ابن بلدى إخوات.. ومصر أمنا والنيل أبويا وأبوك.. والهرم الأكبر عمنا.. لا حد يفرقنا ويكون السبب فى غمنا.. والحب بيجمع شملنا وبيلمنا.
فرصة أخيرة

كل ما فات فى موضوع هشام طلعت مصطفى كوم، وما سوف يأتى كوم آخر تماماً، ولن يمتد هذا الخيط الدقيق، ليفصل فصلاً كلياً، بين ما كان، وبين ما هو قادم، إلا إذا تعاملنا مع القضية بصورة مختلفة اختلافاً جذرياً، عما تعاملنا به معها، طوال شهور مضت!
فوسائل الإعلام يجب أن تنسى الموضوع، وبسرعة ويجب أن تتوقف فى الحال، عن مضغ سيرة هشام فى كل لحظة، مهما كانت الإغراءات بل يجب أن تتوقف عن اجترارها، وليس فقط عن مضغها، لأن المتأمل للمسألة كلها، منذ بدايتها، إلى الآن، سوف يلاحظ على الفور، أننا قد استنفدناها استنفاداً كاملاً،
ولم يعد فيها شيء يمكن أن يقال، أو يعاد، فلم يكن للإعلام «شغلانة» على مدى الفترة الممتدة، من تفجير القضية، إلى الحكم فيها بالإعدام، غير التفتيش المستمر، فى تفاصيل تفاصيل هشام وقضيته، فلما لم تعد هناك تفاصيل جديدة، بدأ الإعلام ينسج الأساطير حول حياته، وزوجاته، وفلوسه، وأسرته، وأعماله، ونسائه وكل ما يتصل به من قريب أو من بعيد!
الآن.. وصل هشام إلى أخطر ما يمكن أن تصل إليه حياة أى رجل أعمال فى العالم.
وقد استنفد جولته، أو بمعنى أدق، فرصته الأولى، ولم تعد هناك غير فرصة ثانية ووحيدة.
ومن حقه، ثم من واجبنا، أن يكون الذهاب إلى هذه الفرصة الثانية والوحيدة، على غير ما كان عليه الوضع، فى الفرصة الأولى، التى خسرها، .
هشام، مرة أخرى، لا يملك الآن إلا فرصة ثانية، ووحيدة، وهو رجل له بيته، وأسرته، وأولاده، وعمله، وشؤونه إجمالاً.. وكلها معاً تقتضى أن يكون هناك أسلوب مختلف، فى الطريق إلى نقض الحكم، وهذا الأسلوب ليس مطلوباً من الإعلام وحده، وإنما مطلوب أيضاً من هيئة دفاعه، التى عليها أن تذهب إلى محكمة النقض، وقد خلع أفرادها رداء النرجسية، من أى نوع خارج القاعة، فلا وقت أمام المتهم، ولا أمام هيئة الدفاع بالتالى، يمكن أن تمارس فيه مثل هذه النرجسية، أو تمارس ترفاً من أى نوع!
هشام يذهب إلى النقض، ولا ندعو إلى شىء له، وهو يقطع هذا الطريق، إلا أن ينصفه الإعلام، فيهدأ قليلاً، وينسى الحكاية ولو مؤقتاً، حتى لا يؤثر ليس على القاضى، وإنما على ضمير الناس.. ثم ندعو هيئة الدفاع، ليس إلى أن تعمل فى سرية، وإنما إلى أن تعمل فى صمت وقور.. فإذا توافر هذا «الطقس» الضرورى كان الأمر بعد ذلك متروكاً للعدالة، سواء أدانت المتهم، أو قضت له بالبراءة!
.. إنصاف المجتمع يسبق إنصاف المحكمة!