وقع الناس في الأرق و السهاد ، حين شح الصابون في البلاد ، كما أصاب القشف وجوه العباد ، بسبب عدم الاستحمام في الميعاد
و قد تكلم فيلسوف الرغاوي ابن شداد ، فقال ان السبب هو التاجر ابن عماد ، و زوجتاه سعاد و وداد ، فقد اشتروا الصابون كله من الجمعية ، و خبئوه في بيتهم ساعة العصرية ، و من هنا نشأت الازمة ، و هي حكاية مفتعلة و بلا لزمة
و لم يقنع كلام الفيلسوف أحدا ، و ذهب في الهواء بددا بددا ..
و قد سئلت صابونة غسيل ، من النوع النحيل الطويل ، لماذا اختفت فجأة من السوق ، دون إعلان أو تنبيه أو بوق .
قالت الصابونة : لم آخذ إجازة منذ زمن ، حتى انهرى كبدي من المحن فلماذا كثرة الكلام و الملام ، و لو طلعت أو نزلت فلست سوى صابونة في حمام ..
فلما انتهت الصابونة من كلامها وقفت الصودا الكاوية ، و قالت لقد نبهتك فما ارعويت ، و نصحت لك فما وعيت ، على أنى سأغمس قلمي في المداد . و أكتب بمدع الفؤاد ، عن تأملاتصابونة لها أمجاد ، لقد تأخرت الشركة في استيرادي من بلاد برة ، فسامحوني فهذه آخر مرة ..
ثم وقف المستحم ابن ليفة ، و قال كلمة شريفة و عفيفة . قال فيها لقد شح الصابون حتى تصورنا أن الجن اختطفته ، أو الأرض اقتطفته ، فلما رأى الناس كربة كهذه الكربة . ولا قاسوا ما قاسوه من غربة ، ثم صرخ المستحم ابن ليفة ، قائلا ان هذه ليست مسألأة لطيفة ، لقد اتسخ الماعون ، و ليس هناك صابون ، فما العمل أيها السامعون ؟
فلما حزب الأمر ، و انقضى من الأيام عمر ، عقد رئيس مجلس ادارة الصابون إجتماعا جوار الدش ، و اندفع الكلام من فمه كالرش
قال : إن أعداءنا كثيرون ، و العوازل لنا كائدون ، و لكننا بإذن الله عائدون ، و على البطاقة موجودون ، و لكن لنا في الأول شرط ، و الذي أوله شرط آخره نور ، و النور سرور و حبور
فلما سئل عن الشرط قال : لكل فرد على البطاقة صابونة ميري ، فاذا أراد أخرى سياحية ، فعليه أن يحضر عرض حالا يوقعه اثنان من الموظفين يثبت فيه أنه لم يستحم منذ سنين ، أو ان عنده غسيلا لا يقل ارتفاعه بالسنتيمترات عن ستين ، و يكفي لتسجيل الارتفاع شيخ الحارة ، أو أي خبير ذي مهارة ، فإذا أثبت المواطن ذلك ، انعقدت لجنة فورية من الصابون . و أفادت بما يمكن أن يكون ..
فلما انتهى الاجتماع ، و قعت مشادة بي صابونتين ، هما الصابونة كامى ، و الصابونة اللوكس ، و يقال إنها ضربتها بالبوكس ، ثم انصرف المجمتعون بشأن الصابون و هم ينشدون (( عائدون عائدون )) .....
من مقال تـأملات صابونة لأحمد بهجت