وانت ما رايك فى نهى ..........؟
هي فعلاً مجنونة.. «حد يدور علي حقه في البلد دي..؟».. نهي سارت عكس التيار وكادت أن تموت من أجل الحصول علي حقها.. سائق أراد في لحظة هيجان الاعتداء عليها.. لمسها.. وتصور أن هذا عاد في زمن تضيع فيه الحقوق.. وليس هناك اعتراف بكرامة الجسد أو الروح.. «تقبل نهي الإهانة ولم ترضخ لاستعطاف الجميع.. ده راجل غلبان».. غلبان لكنه أهانها.. استوحش عليها في لحظة.. «عمل راجل عليها» وتصور أنها مسكينة ستبكي من الوحش الذي لم يجد فرصة ليعلن رجولته إلا علي فتاة تعبر الطريق.
صحيح هو رجل «غلبان» لكنه اعتدي علي حقوق امرأة وانتهك جسدها وهذه ليست غلطة عابرة.. إنها نقطة محورية في علاقتنا بالحياة في هذا البلد.. أن تعيش معرضًا للانتهاك من الجميع: حكومة وغلابة.. فكرة رهيبة ومزعجة تمامًا.
نهي رفضت أن يُضرب المتحرش في القسم.. الضباط أرادوا إنهاء الموضوع علي طريقتهم «قلمين وتعتذر وتروح» لكنها رفضت الاعتداء عليه.. أولاً وقبل كل شيء.
أرادت حقها بالقانون رغم الصيحات السخيفة «هاتتبهدلي».. «أنت مجنونة» و«الراجل غلبان».. كل هذا لا يلغي أن الفعل فظيع.. وأكبر من كل العقل الذي حاول به الجميع أن يثني نهي عن الاستمرار في القضية.. الجميع بداية من الشهود الصامتين السلبيين.. ومرورًا بعساكر وأمناء وضباط الشرطة.. وانتهاء بالأصدقاء والجيران.. كلهم كانوا مع أن تتنازل عن حقها.. وأن ما حدث عاد ويتكرر كل يوم.. وكل هذه المبررات التي يمكن تلخيصها في أنها عقلية وثقافة ضد الحقوق.. وضد الحياة الكريمة والمحترمة
كيف يمكن لفتاة أن تعود إلي البيت بعد تعرضها لإهانة من هذا النوع؟ وليس هذا فقط.. لكنها إهانة لا تزعج أحدًا؟ كيف يمكنها أن تحب.. أو تربي أولادها أو تشعر بالأمان النفسي في بلدها؟!
في بلاد كثيرة، ينتشر التحرش لكنه مرفوض وتحاربه القوانين ولا يلقي القبول الذي يلقاه في مصر.. ليس فقط لأن مصر مكبوتة جنسيًا وهذه طريقة من طرق التنفيس غير المباشر عن الهزائم الجنسية.
لكن لأن ثقافة الحقوق.. ليست موجودة.. يتنازل المصري عن حقوقه تدريجيًا، أولاً تجاه السلطة ثم تجاه أي شخص يتصور نفسه فتوة الفتوات للحظة واحدة.. إنها ثقافة البقاء للأقوي والأكثر قدرة علي الفجاجة والاستوحاش.
هذه حديقة حيوان كما قلت.. وحتي حديقة الحيوان لها قواعد.. ولها أصول.. ولا يمكن لأحد أن يعتبر نهي مجنونة لأنها دافعت عن حقها في رد الإهانة.
الجسد.. هو المساحة المقدسة للإنسان ولهذا يُعدم القتلي.. والآن لابد من الاعتراف بأن التحرش هو قتل معنوي.. وممارسة عنف علي شخص تتصور أنه ضعيف ولن يبحث عن حقه.
«الغلبان..» الذي قال أقاربه في المحكمة إن نهي مجنونة، لم يكن كذلك عندما استضعفها.. وقرر أن يتسلي بها.. لم يكن كذلك حينما تصور أنه وحده ملك الطريق ويملك قوة كافية لأن يسرق هذه اللمسات الفاجرة ويغادر وهو يشعر بأنه قوي.. ربما يكون المتحرش مهزومًا في كل لحظات حياته.. مضحوكًا عليه ومنتهكًا.. لكن هذا لا يبرر جريمته.. وهي جريمة ليس لها علاقة بالمستوي الاجتماعي.. أو الطبقي.. .المتحرشون الآن فقراء وأغنياء.. أصحاب نفوذ وغلابة.. الجميع يريدون اقتناص متع بعيدة عنهم.. اقتناص يقتل معه حقوق آخرين.
هذه ظاهرة مرضية.. الصحيح فيها الوحيد هو نهي التي انفجرت داخلها مرة واحدة طاقة جهلتها تتعلق بسيارة المتحرش.. وتتحدي نظرته المبتسمة بعد التحرشه ثم تطارده وتلاحقه قانونيا.. وقبل كل هذا بدون أن تعتدي علي حقوقه.
ياليتنا جميعا بنصف جنون نهي.
طيب كلنا مع نهى وانا اولكم و مع كل حد بيتعرض للموضوع ده
.