إجراءات «تَملُّك» الأراضى الصحراوي
د.محمود عمارة
قبل الدخول فى الموضوع «أُذكِّر» أصدقائى الذين راهنونى منذ أربعة أشهر على «سقوط أوباما»، وحجتهم أن أمريكا ما زالت عنصرية، ولن تسمح لشاب أسود، أبوه مسلم، بالجلوس فى البيت الأبيض، فغداً الثلاثاء ستجرى الانتخابات، وسيفوز «باراك حسين أوباما» ليصبح رئيساً للولايات المتحدة، ورئيساً لمجلس إدارة الكرة الأرضية، وعندنا ما زال د.أحمد زويل، أو فاروق الباز، وغيرهما ممنوعين من الترشح لعضوية المجلس المحلى فى دسوق أو كفر البطيخ!
وندخل فى الموضوع.. وها هى «الإجراءات» المتبعة لمن يرغب فى إنشاء «مشروع حقيقى» لاستصلاح واستزراع الصحراء، البالغة مساحتها ٦٩% من مساحة مصر، فى بلد مكدسة بالبطالة، وتستورد ٥٥% مما تأكله، وتستجدى الآخرين «لتشحت» منهم شوية قمح أو فول مدمس، وتنادى المصريين بالخروج من الوادى الضيق:
١- الدولة ليست لديها أراض للبيع، بسبب «وضع يد الأعراب» على كل الصحراء، ولهذا ينصحك المسؤولون بوزارة الزراعة أن تشترى «وضع اليد» من الأعراب، بشرط أن تكون هذه الأرض خارج خطة الدولة، وتشترى من الأعراب (الفدان بمائتى إلى خمسة آلاف جنيه)، ولحراستها منهم ومن غيرهم، يتم توقيع عقد «غفرة» (تدفع لهم شهرياً من ٢:٠١ آلاف).
٢- تتقدم سيادتك إلى «هيئة التعمير» بوزارة الزراعة «بطلب» للبدء فى إجراءات التقنين، ومعه خرائط مساحية بها «الموقع» والمساحة ومختومة من مهندس نقابى.
٣- تقوم «الهيئة» بمخاطبة: القوات المسلحة، الرى، الآثار، المناجم والمحاجر، وكل جهة براحتها، وبمزاجها، وحسب نظامها، ولها رسومها (وهذا يستغرق من ٤:٦ سنوات)!
4- خلال هذه المدة مطلوب من سيادتك «إثبات الجدية» بشق الطرق، تخطيط الأرض وتقسيمها لأحواض، تسوية التلال والهضاب، تركيب شبكة الرى، الحفر للتجهيز والإعداد والتسميد لزراعة الشتلات، وتحتاج لبناء مساكن للعمال، والمخازن (ولن تحصل على تصريح بالمبانى لعدم وجود عقد ملكية)، ومجبر على حفر آبار للرى (ولن تحصل على ترخيص لعدم وجود عقد ملكية برضه)، وها أنت مضطر وبناء على طلب الوزارة بإثبات الجدية، وبعد أن زرعت أصبحت الآن «مخالفاً»، ويمكن إزالة كل ما فعلته وعلى نفقاتك الخاصة، مش بس كده، كمان سيادتك متهم بالاستيلاء على أرض الدولة، ويمكن فى أى وقت يركبوك حمار بالمقلوب، ويتم تجريسك، إذا قرروا الانتقام منك أو الإطاحة بك لأى سبب!!
5- أثناء ذلك سوف تتعرض حتماً لمجموعة أو مجموعات من «البلطجية» الذين سيحاولون ابتزازك (بعد الأرض ما حليت فى عينهم)، وأصبح لها قيمة، وسيادتك أنفقت دم قلبك، وتبدأ «الغارات الليلية» بترتيب من «الأعراب» أنفسهم، أو من أبناء عمومتهم (كل أعرابى متزوج من ثلاثة، أربعة، ولديه ٨١، ٠٢ شحط، شغلتهم الابتزاز والبلطجة، أو من مجموعة يترأسها «لواء سابق»، ومدير الأمن ينصحك بالدفاع بنفسك وبطريقتك الخاصة، «فالشرطة» معدومة الإمكانيات، وحضرتك لا تحوز عقد ملكية،
ومع ضرب النار بالرشاشات، والنصف آلى يهرب المهندسون، ويطفش العمال، ويسحب المقاولون معداتهم، إلا إذا وفرت لهم الحماية.. والحماية أن «تستأجر بلطجية» من شارع الهرم (البلطجى بالسلاح ألفين جنيه فى اليوم، وألف جنيه للضرب بالشوم والعصى، و٠٥٢ جنيهاً للتهويش) والعملية تستمر شهوراً، وستكلفك دم قلبك، وربما حياتك أو حياة من يعمل معك.
]- إذا كنت حياً، فعليك أو على «الورثة» البحث عن «واسطة» بعدما غلب حمارك مع الوزير، وشكاوى للرئاسة، لاستعجال الموافقات، والتصريحات، والأذون، والأختام، وحتى تقوم لجنة من الهيئة للتأكد من إثبات الجدية، والزراعة الحقيقية.
7- بشهادة إثبات الجدية، تقوم «الهيئة» بتحويل الدوسيه إلى «اللجنة العليا لتسعير أراضى الدولة»، وباسم الحفاظ على المال العام، وبلا أدنى «عَدْل» أو مساواة، تقرر اللجنة سعر الفدان بمزاجها، ولا خيار سوى الإذعان وقبول الثمن.
٨- سيادتك الآن عملت «زى الكتاب ما بيقول»، راجل جاد، وقبلت السعر، ومستعد لسداد الثمن كاش، لتحصل على عقد الملكية الغالى.. ستظهر لك أولى المفاجآت: آسفين ياباشا أصل فيه واحد «أعرابى» رفع قضية على الهيئة ينازعك على الأرض نفسها، وتعليمات النائب العام بعدم تقنين أى أرض متنازع عليها.
٩- مع «محامى» الأعراب (وهم محترفون ومتخصصون فى هذا الموضوع)، تسدد لهم ثمن وضع اليد من جديد، أو تتنازل عن جزء من المساحة لتشطب الدعوى القضائية.
10- حضرتك بعد ٨ سنوات حصلت على الموافقات، وأثبت الجدية، وموافق على الثمن، ومستعد للسداد كى تحصل على «اللى ما يتسمى»، وتفاجأ بما لا يتخيله عقل: مطلوب «موافقة» المركز الوطنى لتخطيط استخدامات أراضى الدولة لإدخال أرضك فى خطة الدولة.. يا ولاد ٠٦*٠٧ دا أول شرط فى البداية أن تكون خارج خطة الدولة.. فلماذا الآن يجب إدخالها خطة الدولة؟
وجانى الرد جانى: «علشان» يقولوا: شايف يا ريس.. شايف يا مسيو جمال.. لقد حققنا البرنامج الانتخابى باستصلاح ٥.١ مليون فدان، وكلها فى الواقع أرض مستصلحة قبل برنامج الرئيس.. وكله بيضحك على كله!!
هنقول إيه؟
بلاش، خلينا مهذبين، وربنا ينتقم منهم واحد، واحد.. مادام أننا شعب «خرفان»، و«قطعان»، والعزبة عزبتهم، واللى مش عاجبه يضرب دماغه * الحيط.والحل؟
