الصدق منجاة !
وما زلت ُ كل يوم أضع قلبي على المقصلة

أكذب ، ثم أحدث الناس ....
الصدقُ منجاة !
والناس مثلي يكذبون ،
ويسألون الله النجاة
لكن سيد الناس لا يكذب (( حاشا لله )) وقد قال :
_ أصدق الأسماء حارث وهمام _

فكلنا حارث وكلنا همام ، ولو اختلفت الوجوه وتغيّرت الأسماء !
نحرث حقول همنا وأمانينا ونحصد الزوال !
ونقول دائما وأبداً
حتماً هناك امل ، علينا أن نتخّطى الألم كي نعيش الأمل .
أو يعيش الأمل من دون تفان ٍ وعمل .
وهمام من همَ وفكّر ،
مثل ما أن كتب َ من جمع ، وسُميت الكتابة كذلك لأنها اجنماع للحروف والكلمات !
ونحن نجتمع ونجمع الكلام ابيضاً كثياب العيد ، ويبقى الهم أسوداً متوارياً بين الصدور
لا يراه الناس ، لكن رب الناس يعلم به ويراه !
وسأعرض أسفاً عن همام . وأحدثّكم عن ابن أخي (( تمّام ))!
الذي كل ما سمع الأذان رفع َ صوته عالياً :
الله أكبر ، الله اكبر

(( الدكانة سكرت )) .. !!
فكل ما يعرفه تمّام الذي لم يتجاوز الثلاث سنوات أن البقّالية تغلق أبوابها حين يرفع الأذان .
وأنه لم يعد باستطاعته طلب (( بوظة أو قطعة سكاكر )) ! .

وكثيرون أكبر من تمّام لا يعرفون من الأذان الا أن (( الدكانة سكرت )) ولم يعد بامكانهم شراء ((الغولواز والجيتان وأشياء أُخرى ....)) الا بعد أن يفرغ المسلمون من الركوع والسجود لربهم !

وأذكر أنني قد قرأت عن المملكة العربية السعودية وعاداتها . واشاهد (( التلفاز )) وكان يبهرني هذا (( السيستيم الشرعي )) في اغلاق المحلات التجارية في وقت واحد . لان الأذان رُفع . ولأن الله اكبر من (( الدرهم والدينار )).
فكنتُ أفخرُ بالمسلمين ، وأحدّث عنهم الناس !
وحين قرأت كثيراً وتوغلتُ كثيراً وأصبحت ُ لا أغادر القراءة عن المملكة الا في زيارات مسروقة لقراءات أُخرى عن بلدان أخُرى في (( عالمنا الاسلامي )) و(( الغرب أيضاً )) .
وشهادات أُناس أعرفهم كانوا يعملون فيها سعياً وراء رزقهم ومنهم أخي (( عُمر )) .
يعمل في شركة مهندس كهرباء.
كان عُمر قد قال لي ان المحال التجارية قد تُغلق لكن كثيراً من قلوب أصحابها ما زالت مفتوحة تبيع الصلاة والغاية الكبرى . وتشتري القطيفة والخميلة .
فلم اعد أحّدث الناس عن المسلمين .
لكن ظل الاسلام في قلبي عظيماً .
والحديث عن المملكة والاسلام يشرع شباك القلب على (( سلمان )) صديق اخي عُمر ، سلمان الذي ضاقت به رئة المدينة فلفظته بعيداً ، دخان مصانع .... وعوادم سيارات .

فقد حدّثني عُمر عن سلمان ان أمه كانت تذّكره قبل ان يغادر وطنه الهند قادماً للمملكة بأنه ُ ذاهب الى أرض مكة والمدينة . حيث يعيش أبناء الصحابة والمسلمون الحقيقيون !
وحين حطّت به الطائرة لم يجرؤ على المشي فوق الأرض ، فهنا مشى الرسول وهناك سجد الصدّيق !
سلمان أخبر أخي عُمر أنه فكّر أن يمشي على راسه تقديراً لتراب لثمَ قدم الرسول !
وقبل ان يطويه المفرق الأخير قال لعُمر :

(( عُمر باي ، أنا في تعليم اثنين فايدة من سعودية ))

_ سعودي نفر ما في سيدا اسلام .

_ انا ماما مخ مافي !!!!!

فغفر الله لعُمر ولسلمان ..... ولأمه !

وقد كان لعُمر وسلمان زميل (( متدين )) يقطن معهم في نفس الشقة ، كان دوماً يحدثهم عن الجهاد وعن (( ابن الخطّاب )) .
وفي يوم يشبه جميع الأيام طلب منه سلمان أن يتوقف عن هذا (( الكركر )) (( ويقصد سلمان الثرثرة ً )) وانه مستعد أن يشتري له تذكرة على حسابه وليذهب للجهاد في الشيشان ان كان صادقاً بما يكفي وهُمام !!!

قالها عُمر لي (( فضحكت كما لم أضحك من قبل ولا أظنني سأفعل من بعد !!

ومنذ ذك الحين توقف صاحبهم (( المتدين )) عن الحديث عن الجهاد والمجاهدين .

قال لي عُمر (( صديقي سلمان قد لفظته رئة المدينة بعيداً . وليس في الناس من حولي من هو بمثل صدقه .... وخيبته ))!!!

الصدق منجاة !
وانا كل يوم أضع قلبي على المقصلة ،
أكذب وأحدث الناس عن العرب والأمجاد ،

أعقدُ المؤتمرات الصحُفية احتفالاً بانتصاراتي وألتقط الصور التذكارية !

أحدّث الناس عن العرب (( يعني نحن )) وماضينا التليد وأُباهي وافتخر ُبه .
وفي كل مرة يطل علي وجه من وجوه اسرائيل من بين الحضور ليسخر مني ويؤكد ان أصدق الأسماء حارث وهُمام .

فلم أعد أحدّث الناس عن عرب (( اليوم ))
لكن ظلت في قلبى عظمة أولئك الذين رحلوا ،
أولئك الذين غادروا الدنيا انما هي لم تغادرهم .